سورة الغاشية - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الغاشية)


        


{تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)}
{تصلى نَارًا حَامِيَةً} متناهية في الحر من حميت النار إذا اشتد حرها خبر آخر لوجوه وقيل {خاشعة} صفة لها وما بعد أخبار وقيل الأولان صفتان والأخيران خبران وقيل الثلاثة الأول صفات وهذه الجملة هي الخبر والكل كما ترى وجوز أن يكون هذا وما بعده من الجملتين استئنافًا مبينًا لتفاصيل أحوالها وقرأ ابن كثير في رواية شبل وحميد وابن محيصن {عاملة ناصبة} [الغاشية: 3] بالنصب على الذم وقرأ أبو رجاء وابن محيصن ويعقوب وأبو عمرو وأبو بكر تصلى بضم التاء وقرأ خارجة تصلى بضم التاء وفتح الصاد مشدد اللام للمبالغة.


{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5)}
{تسقى مِنْ عَيْنٍ ءانِيَةٍ} بلغت أناها أي غايتها في الحر فهي متناهية فيه كما في قوله تعالى: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ} [الرحمن: 44] وهو التفسير المشهور وقد روى عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقال ابن زيد أي حاضرة لهم من قولهم أنى الشيء حضر وليس بذاك.


{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
{لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ} بيان لطعامهم أثر بيان شرابهم والضريع كما أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس الشبرق اليابس وهي على ما قال عكرمة شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض وقال غير واحد هو جنس من الشوك ترعاه الإبل رطبًا فإذا يبس تحامته وهو سم قاتل قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى *** وصار ضريعًا بان عنه النحائص
وقال ابن غرارة الهذلي يذكر إبلًا وسوء مرعى:
وحبسن في هزم الضريع فكلها *** حدباء دامية اليدين حرود
وقال بعض اللغويين الضريع يبيس العرفج إذا انحطم وقال الزجاج نبت كالعوسج وقال الخليل نبت أخضر منتن الريح يرمى به البحر والظاهر أن المراد ما هو ضريع حقيقة وقيل هو شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز الله تعالى الذي أخرج من الشجر الأخضر نارًا أن ينبت في النار شجر الضريع نعم يؤيد ما قيل ما حكاه في البحور الزاخرة عن البغوي عن ابن عباس يرفعه الضريع شيء في النار شبه الشوك أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرًا من النار فإن صح فذاك وقال ابن كيسان هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلبًا للخلاص منه فسمي بذلك وعليه يحتمل أن يكون شجرًا وغيره وعن الحسن وجماعة أنه الزقوم وعن ابن جبير أنه حجارة في النار وقيل هو واد في جهنم أي ليس لهم طعام إلا من ذلك الموضع ولعله هو الموضع الذي يسيل إليه صديد أهل النار وهو الغسلين وعليه يكون التوفيق بين هذا الحصر والحصر في قوله تعالى: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] ظاهرًا بأن يكون طعامهم من ذلك الوادي هو الغسلين الذي يسيل إليه وكذا إذا أريد به ما قاله ابن كيسان واتحد به وقد يتحد بهما عليه أيضًا الزقوم واتحاده بالضريع على القول بأنه شجرة قريب وقيل في التوفيق أن الضريع مجاز أو كناية أريد به طعام مكروه حتى للإبل وغيرها من الحيوانات التي تلتذ رعي الشوك فلا ينافي كونه زقومًا أو غسلينا وقيل إنه أريد أن لا طعام لهم أصلًا لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلًا عن الناس كما يقال ليس لفلان ظل إلا الشمس أي لا ظل له وعليه يحمل قوله تعالى: و{لا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] وقوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الاثيم} [الدخان: 43، 44] فلا مخالفة أصلًا وقيل إن الغسلين وهو الصديد في القدرة الإلهية أن تجعله على هشية الضريع والزقوم فطعامهم الغسلين والزقوم اللذان هما الضريع ولا يخفى تعسفه على الرضيع وقد يقال في التوفيق على القول بأن الثلاثة متغايرة بالذات أن العذاب ألوان والمعذبون طبقات فمنهم أكلة لزقوم ومنهم أكلة الغسلين ومنهم أك الضريع {لكل باب منهم جزء مقسوم}

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8